الفكري، لأنه صحيح أن النثر هو غالبا ميدان الفكر ، لخلو قالبه من حواجز الوزن والقافية، بحيث يستجيب مختلف دواعي التفكير ودقائقه؛ وصحيح أن الشعر هو غالبا ميدان الإبداع الفني في الأدب، ولكن غير صحيح أبدا أنهما نقيضان، وأن الأول مقصور على الأعمال الجمالية فقط، وأن الثاني مقصور على الأعمال الفكرية لا غير إن قالب الشعر وقالب النثر کلاهما قادر على استيعاب النوعية الفنية في الأدب، إلا أن النثر بقالبه المتحرر من قيود الوزن والقافية وسواها هو، دون القالب الشعري، طريق الأعمال الفكرية وجادتها الفسيحة المضمونة ولربما لا ينبغي القول إن النثر يلائم الأدب خال من قيود القالب الشعري، بل يجب القول إن النثر جاء على ما هو عليه من طواعية ورحابة وتحرر ووضوح، لأن حاجة الفكر إلى التعبير الجلي الدقيق جعلته كذلك وفرضت عليه أن يكون نثرا، أي أن يكون كلاما طبعا رحباً حرا مرسلا . وهذا ما يبرر تأخر ظهور الأدب النثري، من حيث الزمن، عن الأدب الشعري، وذلك التأخر الزمني ضروري لتكامل البناء العقلي عند الأمم والشعوب، حتى إذا نضجت إمكاناتها الفكرية واختمرت وفرضت نفسها، مست الحاجة إلى أداة للتعبير، فكان النثر هذه الأداة. أما الشعر فهو ابن الحياة الشعورية الوجدانية، وأزمنتها السابقة على أزكية الحياة العقلية والشعر في نشأته ابن الفطرة والنزوع العاطفي ووليد المراحل الشفهية في الفولكلور الأدبي والفني . لذلك كله كان موقعا إيقاعات موسيقية، وقد كان يُهزج به هرجا ويُغنى غناء، ولذلك كله هو موقع ومغنى في أدب أية لغة شعبية ناشئة اليوم، وغداً، وفي أي وقت. إن الحد الفاصل ،إذن، بين قالب شعري وقالب ،نثري، إنما هو حد الموسيقى التي تنتظم كلام الشعر بإيقاعاتها المختلفة، وهذا الحد الموسيقي الذي يفصل العمل الشعري عن العمل النثري عميق الأسر بعيد الركائز، متين، لا يمكن التخلي الأدب، وليد


ساعدوني اريد المقياس الخارجي و الداخلي لحقل الشعر و النتر​

Répondre :

D'autres questions